من طلع إلى السموات
(19) من المرضى ولم يرجع ينزل منها ، مات ، وذلك للأصحاء : دال على الرفعة ودخول دور الأكابر ، ويدل على الزوجة والدور ، والسفر في البر والبحر ، وعلى كل مكان غريب.
فإن أصاب فيهن النور ، أو الملائكة الملاح ، أو وجد رائحة طيبة ، أو مأكولا مليحًا ، ونحو ذلك،حصل له فائدة وراحة ،إمامند دور الأكابر ،أو من الأملاك ،أو من الأسفار، أو من زوجة ، أو من ولاية يتولاها ، أو من عالم أو حاكم يحكم عليه ، كالأب ، والوصي ، والسيد ، والزوج ، وأمثالهم.
وأما إن كان فيهن الظلام ، أو حيات ، أو عقارب ، أو جن ، أو دخان ، أو نار ، أو رائحة ردية : حصل له نكد ممن ذكرنا.
قال المصنف :
دلت السماء على المرض الشديد وعلى الموت لكون الأرواح تطلع إليها ، ولكون الصاعد إليها غاب عن عيون أهل الأرض ، ولكونه فارق الأرض ومن عليها فأشبه الميت والنزول ضد ذلك. ودل على معاشرة الأكابر والرفعة لعلو الطالع ، ولكونها مقر الحاكمين على أهل الأرض المتصرفين – لهم وفيهم – بالمسرة والمضرة. ودلت على الأسفار لأن الطائرات في السماء يرجعن في غالب الأحوال ينزلن إلى الأرض. ودلت على البحار والمياه لأنها معدن الغيوم والأمطار. وربما دلت على معاشرة أرباب النيران ، وتدل على الأماكن الغريبة.
كما قال لي إنسان : رأيت أنني طلعت إلى السماء وبقيت أتفرج في كواكبها وما فيها ، قلت له : عبرت إلى دار فيها تصاوير ، قال : نعم.
ومثله قال آخر ، قلت : أنت تعرف النجامة (20) ، قال : نعم.
ومثله قال آخر ، قلت : عبرت إلى مكان فيه قناديل وسرج تتفرج ، قال : نعم.
ومثله قال آخر ، قلت عبرت تطلب مطلبًا فلم تجد شيئًا ، قال : نعم ، ومثله قال آخر ، قلت : عبرت مكانًا تجري منه المياه ، قال : نعم.
ومثله قال آخر ، قلت : عبرت بستانًا مزهرًا ، قال نعم. فافهم ذلك.
(19) أي تحسنت أحواله.
(20) قال النابلسي : تدل على نفسها ، فما نزل منها أو جاء من ناحيتها ، جاء نظيره منها من عند االله ، ليس للخلق فيه تسبب ، مثل أن يسقط منها ، نار في الدور ، فيصيب الناس أمراض وبرسام جدري وموت . وإن سقطت منها ، نار في الأسواق ، عز وغلا ما يباع بها من المبيعات . وإن سقطت في الفدادين والأنادر وأماكن النبات ، آذت الناس واحترق النبات وأصابه برد ، أو جراد ، وإن نزل منها ما يدل على الخصب والرزق والمال ، آالعسل والزيت والتين والشعير ، فإن الناس يمطرون أمطارا نافعة ، يكون نفعها في الشيء النازل من السماء ، وربما دلت السماء على حشم السلطان وذاته ،
لعلوها على الخلق وعجزهم عن بلوغها ، مع رؤيتهم وتقلبهم في سلطانها ، وضعفهم عن الخروج من تحتها ، فما رؤى منها وفيها ، أو نزل بها وعليها ، من دلائل الخير والشر ، وربما دلت على قصره ودار ملكه وفسطاطه وبيت ماله ، فمن صعد إليه بسلم أو سبب، نال مع الملك رفعة . وعنده ، وإن صعد
إليها بلا سبب ولا سلم ، ناله خوف شديد من السلطان ،ودخل في عزر آثير في لقياه أو فيما أمله عنده أو منه ، وإن كان ضميره استراق السمع ، تجسس على السلطان أو تسلل إلى بيت ماله وقصره ليسرقه . وإن وصل إلى السماء ، بلغ غاية الأمر ، فإن عاد إلى الأرض ، نجا مما دخل فيه ، وإن سقط من مكانه عطب في حاله ، على قدر ما آل أمره إليه في سقوطه ، وما انكسر له من أعضائه .