قال الشيخ ، الإمام ، العالم ، العامل ، الصدر ، الكبير الكامل ، الفاضل البارع ، الحافظ المتقن ، حجة المحققين ، ولسان المتكلمين ، قدوة السالكين ، بقية السلف الصالح : شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن شيخ الإسلام جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة بن سلطان بن سرور المقدسي الجعفري ، قدس االله روحه ، ونور ضريحه .
الحمد الله حق حمده ، وصلواته على خير خلقه ؛ محمد وآله وصحبه . حمدًا وصلاة ينجيان آل عبد من عذاب ربه .
وبعد : فإنه ندبني جماعة إلى جمع مقدمة في علم المنام فأجبتهم إلى ذلك ، ولقبتها بـ » البدر المنير في علم التعبير « ، وجعلتها بلغة للمبتدي ، وبلاغًا للمنتهي ، ينتفع بها المتعلمون ، ويرتفع بها المعلمون ، جعل االله ذلك خالصًا لوجهه الكريم ، وأنقذنا بفضله من عذابه الأليم . اعلم – وفقنا االله وإياك – أن معرفة التأويل تحتاج أو ًلا إلى معرفة حقيقة النوم ؛ ما هو ؟! ثم تعرف تفسير ما ُيرى في المنام . وقد ذآر ُت ذلك أو ًلا ، ثم ابتدأت بذآر االله تعالى ، والملائكة ، والأنبياء عليهم السلام ، ثم ذآر ُت السموات والأرض ، ومن فيهن ، ثم آذلك ؛ حتى أتيت إلى الجنة والنار ، وما يدلان عليه . وقد ذآر ُت – قبل أبواب المقدمة – أربعة عشر فص ًلا. ولم أترك شيئًا – من القواعد الشاملة لهذا العلم مما قاله العلماء ؛ أو ُرزق ُت الاجتها َد فيه – إلا ذآرُت ُه . على اختلاف الملل والأديان ، والأعصار والبلدان.
وجعلت الأبواب خمسة عشر بابًا وهي :
الباب الأول :
في رؤية الباري جل وعلا ، والملائكة ، والأنبياء عليهم السلام ، والصديقين ، .والصحابة والتابعين رضي االله عنهم أجمعي
الـبـاب الـثاني
في رؤية السماء ، وما فيها ، وما ينزل منها ، وما يطلع إليها .
الـبـاب الـثالث
في الأرض ، وأشجارها ، وجبالها ، وسَ ْهلِهَا ووعْ ِرها ، وما يتعلق بها .
الـبـاب الـرابع
في الأرض ، وأشجارها ، وجبالها ، وسَ ْهلِهَا ووعْ ِرها ، وما يتعلق بها .
الـبـاب الخامس
في مياه الأرض .
الـباب الـسادس
في الحيوانات
الـبـاب الـسابع
في الأآل والذبائح
الـبـاب الثـامن
في الأبنية وما تصرف منها .
الـبـاب التاسـع
في الملابس .
الـبـاب الـعاشر
في الصنائع والصناع
الباب الحادي عشر
في الأدوات المستعملات
الباب الثاني عشر
في رؤية بني آدم
الباب الثالث عشر
في أعضاء ابن آدم ، وما يحدث منه .
الباب الرابع عشر
في الموت والنزاع
الباب الخامس عشر
في الساعة وأشراطها
قال المصنف رحمه االله : لما أن كان الملك – في اليقظة – بين يديه أعوان ؛ يتصرفون بأمره في وقت حضوره ، ولم يقدروا على الوقوف دائمُا بلا أخذ راحة – ولا يليق أن يتصرفوا لأخذ الراحة وهو جالس ؛ ربما حدث حادث في وقت غيبتهم ، أفضى إلى الفساد – فحجب نفسه فاستراح ، واستراحت الأعوان ، وجعل في وقت غيبته حرسًا على الأبواب ؛ لئلا يحدث حادث في وقت غيبتهم ، وما يمكن للحرس ]أن[ يترآوا مواضعهم ؛ ويطلعوه على الحادث ، خوفًا من حدوث حادث في وقت غيبتهم ، فجعل عليهم من يسمع منهم ما يقولوه. والآخر ما يمكنه الغيبة لئلا يطلبوه وقت غيبيته لحادث آخر فما يجدوه فما يفيد – فاحتاج إلى آبير متوصل ؛ يوصل ذلك إلى الملك إذا جلس ، فإذا انتهى إليه مثلا ؛ أن جماعة بالمكان الفلاني سرقوا ؛ وفلان قام قاتلهم ودفع شرهم ، نظر الملك رأيه فيهم ، فيأمر بقتل بعضهم ، أو قطعه ، أو صلبه ، أو سجنه ، ونحو ذلك. ويأمر بإآرام المدافع لهم على ما يليق به من الكرامة. ولما آانت الروح المدبر في البدن ؛ كالملك في البلد ، وبين يديه أعوان : السمع ، والبصر ، والنطق ، واليدان ، والرجلان – وليس لهم طاقة السهر دائمًا – لأنه يقل السمع والبصر والنطق – فأرسل االله تعالى النوم راحة لأولئك آما ذآرنا. وأقام الأنفس الثلاثة – آما في اليقظة – للملك. فإذا استيقظ الروح المدبر ؛ أملى عليه المنام ؛
أني رأيت كأنني آكل حلوا من إناء مليح ،
فيقول له الروح المدبر : هو للمريض بالحرارة ردىء. لكون ذلك لا يوافق مرضه. ويقول للصحيح – إن كان ملكًا – : ملك بلدًا آبيرًا. ولمن دونه : ستتولى مكانًا مليحًا. ولطالب العلوم : تبلغ مرادك منها . وللعازب : ستزوج امرأة حسناء . ونحو ذلك. وإن كانت الحلاوة ردية ؛ فعكس ذلك .
كاتب تفسير الاحلام – البدر المنير في علم التعبير – لامام الشهاب العابر المقدسي الحنبلي